إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.وبعد
في ذكر فضائل القرآن العظيم
لا شك أن القرآن هو كلام الله، وهو أعظم وأجل وأفضل الذكر على الإطلاق، ومن قرأ حرفاً منه فله عشر حسنات كما قال صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول آلم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)).
ثم إن هذا القرآن العظيم هو الدستور الإلهي للثقلين، أنزله الله على أفضل الأنبياء والمرسلين وخاتمهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وقد حث الأمة ورغبهم في حفظه والعمل به وتعليمه للغير، فإن من تعلم وعمل وعلم دُعي في السماء عظيماً.
وقد أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم الأمة بأن هناك بعض الآيات والسور التي لها منـزلة عظيمة رفيعة عند الله سبحانه وتعالى، فمنها ما يعدل قراءة ثلث القرآن، ومنها ما يعدل ربع القرآن، ومنها من يدافع عن صاحبه في القبر، وإلى ثمة ذلك من الفوائد العظيمة الأخرى.
بعد هذه المقدمة اليسيرة المختصرة في القرآن العظيم نبدأ بفضائل البسملة ثم أذكر ما جاء في فضائل بعض السور وفي مقدمتها فضائل سورة الفاتحة التي هي أعظم سورة في القرآن العظيم.
فصـل
في ذكر البسملة وفضائلها العظيمة وما يستفاد منها
أخي المسلم المجاهد: لا شك ولا ريب أن ُ ب ا ت ة ِ أمرها عظيم، وشأنها جسيم، وفضلها كبير، وأجرها كثير، ولا شك أن لها منـزلة عظيمة، ولا شك أن البسملة فيها كل خير وبركه، وقد افتتح بها الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كتاب الله تبارك وتعالى.
وقد اتفق العلماء أنها بعض آية من سورة النمل، قال تعالى: [النَّمل: 30] ﴿ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ﴾، واختلفوا هل هي آية مستقلة في أول كل سورة أو من كل سورة كتبت في أولها، أو أنها بعض آية من كل سورة، أو أنها آية في فاتحة الكتاب دون غيرها، أو أنها كتبت للفصل بين السور لا أنها آية، إلى آخر ما جاء في أقوال العلماء سلفاً وخلفاً رحمهم الله تعالى.
أما ما جاء في فضلها وبركتها وما يستفاد منها استحباب ذكرها فقد جاء السنة النبوية المطهرة ما يلي:
أولاً: تستحب البسملة في أول الوضوء كما جاء في الحديث من رواية أبي هريرة و مرفوعاً: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)).
ثانياً: تستحب عند دخول الخلاء حسب ما ورد في الحديث : ((بسم الله أعوذ بك من الخبث والخبائث)) أي (الشياطين والشيطانات) وهذا هو الستر والحجاب بين المسلمين وبين عدوهم الشيطان الرجيم.
ثالثاً: تستحب عند قراءة القرآن وحضور مجالس الحديث ومجالس الذكر.
رابعاً: تجب أي يتلفظ بها بذابح عند الذبح.
خامساً: تستحب عند الأكل لما جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لربيبه عمر بن أبي سلمة: ((سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك)) ، وهذا توجيه نبوي عظيم أسأل الله عز وجل أن يوفقنا لإتباعه والعمل به.
سادساً: تستحب عند الجماع لما جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً، أسال الله العلي العظيم أن يوفقنا جميعاً للعمل بذلك والمحافظة عليه، وتعليمه لأمة الإسلام، لأن فيه الخير والبركة وحفظ النفس والذرية في الحاضر والمستقبل من الشيطان الرجيم، وتنشأ الأجيال على مدارسة القرآن والسنة، ونفوز بالأجر العظيم ونحفظ أنفسنا وذرياتنا من الشيطان الرجيم.
سابعاً: إنما شرعت البسملة لذكر الله العلي العظيم حال قراءة القرآن وفي الصلاة والوضوء والأكل والشرب، فذكر الله سبحانه وتعالى في الشروع بها تبركاً وتيمناً واستعانة على إتمام العمل وطلب القبول والإخلاص لله تعالى في الأقوال والأعمال فيه الخير والبركة، وينبغي للمسلمين عموماً قول ذلك وفعله، والحرص عليه، والبسملة لا تزيد المسلم إلا كل خير وبر وبركة وحفظ ورعاية وعناية من الله سبحانه وتعالى، فنسأل الله العلي العظيم أن يرزقنا الاستقامة على دينه، ويهدينا صراطه المستقيم، ويجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم آمين.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.